مدونة عفركوش- تسخير الجن وبناته - استحضار الجن - صرف الجن - فك السحر


Post Top Ad

الجمعة، 5 أكتوبر 2018

استراق الجن لأخبار السماء


كان الجن قبل مبعث الرسول صلى الله عليه وسلم يسترقون أخباء السماء، وهو ما يوحيه الله لملائكته، وأصل ذلك قوله تعالى إخباراً عنهم: وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَّصَدًا [ الجن: 9]
قال القرطبي: (كان الجن يقعدون مقاعد لاستماع أخبار السماء، وهم المردة من الجن، كانوا يفعلون ذلك ليستمعوا من الملائكة أخبار السماء حتى يلقوها إلى الكهنة، فحرسها الله بالشهب المحرقة، فقالت الجن حينئذ: فَمَن يَسْتَمِعِ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَّصَدًا (1) .
ويبين الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الأمر في حديثه الذي رواه البخاري في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الملائكة تتحدث في العنان - والعنان الغمام - بالأمر يكون في الأرض، فتستمع الشياطين فتقرها في أذن الكاهن كما تقر القاروة، فيزيدون معها مائة كذبة))  (2) .
ومن ذلك أيضاً ما أخرجه البخاري قال: حدثنا الحميدي حدثنا سفيان، حدثنا عمرو قال: سمعت عكرمة يقول: سمعت أبا هريرة يقول: إن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا قضى الله الأمر في السماء، ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله، كأنه سلسلة على صفوان، فإذا فزع عن قلوبهم قالوا:ماذا قال ربكم؟ قالوا للذي قال: الحق، وهو العلي الكبير، فيسمعها مسترق السمع، ومسترق السمع هكذا بعضه فوق بعض - ووصف سفيان بكفه فحرفها، وبدد بين أصابعه - فيسمع الكلمة فيلقيها إلى من تحته، ثم يلقيها الآخر إلى من تحته، حتى يلقيها على لسان الساحر أو الكاهن، فربما أدرك الشهاب قبل أن يلقيها، وربما ألقاها قبل أن يدركه، فيكذب معها مائة كذبة، فيقال: أليس قد قال لنا: يوم كذا، كذا وكذا! فيصدق بتلك الكلمة التي سمع من السماء))  (3) .
و في رواية عند مسلم في صحيحه: ((تلك الكلمة من الحق يحفظها الجني فيقرها في أذن وليه قر الدجاجة, فيخلطون فيها أكثر من مائة كذبة))  (4) .
وهكذا فإن الجن كان يستمعون لأخبار السماء، ثم يلقون ذلك إلى الكهان من الإنس، فيزيدون على الكلمة مائة كذبة من عندهم، فيصدق الناس ذلك، قال الماوردي: (فأما استراقهم للسمع فقد كانوا في الجاهلية قبل بعث الرسول صلى الله عليه وسلم يسترقونه، ولذلك كانت الكهانة في الإنس لإلقاء الجن إليهم ما استرقوه من السمع في مقاعد لهم، كانوا يقربون فيها من السماء كما قال تعالى: وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَّصَدًا [ الجن: 9] (5) .
وقال ابن جزى الكلبي في تفسير قوله تعالى: إِلا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ [ الصافات: 10]. (والمعنى: لا تسمع الشياطين أخبار السماء، إلا الشيطان الذي خطف الخطفة)  (6) .
وقد اختلف العلماء في استراق الجن للسمع بعد مبعث الرسول صلى الله عليه وسلم: 
1- فقال قوم: إن استراق الجن لأخبار السماء قد زال بمبعث الرسول صلى الله عليه وسلم، ولذلك زالت الكهانة. 
2- وقال آخرون: إن استراقهم باق بعد مبعثه عليه الصلاة والسلام  (7) .
واختلفوا كذلك في أن الجن هل كانوا يرمون بالشهب قبل مبعث الرسول صلى الله عليه وسلم أم لا؟ 
أ- فقال قوم: لم تكن ترمى الجن قبل مبعثه عليه الصلاة والسلام. وقد نسب النسفي هذا القول للجمهور فقال: (والجمهور على أن ذلك لم يكن قبل مبعث محمد صلى الله عليه وسلم)  (8) .

;" />قال القرطبي: (وقال الكلبي وقوم: لم تكن تحرس السماء في الفترة بين عيسى ومحمد صلوات الله عليهما وسلامه خمسمائة عام، وإنما كان من أجل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، فلما بعث منعوا من السموات كلها وحرست بالملائكة والشهب، ومنعت من الدنو من السماء، وبه قال عطية العوفي عن ابن عباس، وهذا قول عبد الله بن سابور. وقال نافع بن جبير: كانت الشياطين في الفترة تسمع فلا ترمى، فلما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رميت بالشهب)  (9) .
ومما يؤيد هذا القول ما ورد عن ابن عباس قال: (كان الجن يصعدون إلى السماء يستمعون الوحي، فإذا سمعوا الكلمة زادوا فيها تسعاً، فأما الكلمة فتكون حقاً، وأما ما زادوه فيكون باطلاً، فلما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم منعوا مقاعدهم، فذكروا ذلك لإبليس – ولم تكن النجوم يرمى بها قبل ذلك – فقال لهم إبليس: ما هذا إلا من أمر قد حدث في الأرض، فبعث جنوده، فوجدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائماً يصلي بين جبلين – أراه قال: بمكة – فلقوه فأخبروه فقال: هذا الحدث الذي حدث في الأرض)  (10) .
وذكر القرطبي وجها آخر عن ابن عباس قال: (وقد كانت الشياطين لا يحجبون عن السماء، فكانوا يدخلونها ويلقون أخبارها على الكهنة، فيزيدون عليها تسعاً، فيحدثون بها أهل الأرض، الكلمة حق والتسع باطل، فإذا أرادوا شيئاً مما قالوه صدقوهم مما جاءوا به، فلما ولد عيسى بن مريم عليهما السلام منعوا من ثلاث سماوات، فلما ولد محمد صلى الله عليه وسلم منعوا من السموات كلها، فما منهم من أحد يريد استراق السمع إلا رمي بشهاب)  (11) .
و في هذا دليل على أن الشياطين لم تكن ترمى بالشهب قبل بعثته عليه الصلاة والسلام.
وتمسك من قال بأن الشهب لم يكن يرمى بها أيضاً قبل بعثة الرسول عليه السلام بظاهر قوله تعالى: فَمَن يَسْتَمِعِ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَّصَدًا [الجن: 9].
إذ قد دل على أن الجن لم تكن ترمى قبل المبعث حيث رتب الرمي على الاستماع بعد المبعث.
وقد أنكر الجاحظ الرمي قبل مبعث الرسول صلى الله عليه وسلم, وأنكر كل شعر ورد في الرمي فقال: (كل شعر روي فيه فهو مصنوع)  (12) .
ب- وقال ابن قتيبة: إن الرجم كان قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن لم يكن مثل ما كان بعد مبعثه في شدة الحراسة، وكانوا يسترقون في بعض الأحوال، فلما بعث منعوا من ذلك أصلاً.
فعلى هذا القول يكون حمل الجن على الضرب في الأرض وطلب السبب –أي السبب الذي من أجله منعوا من استراق السمع – إنما كان لكثرة الرجم، ومنعهم عن الاستراق بالكلية  (13) .
وقيل: إنما زاد الرمي إنذاراً بمبعث الرسول عليه الصلاة والسلام  (14) .
قال القرطبي: (وقال أوس بن حجر – وهو جاهلي:
فأنقض كالدري يتبعهنقع يثور تخاله طنبا  (15)

قال بدر الدين الشبلي: (وقال السهيلي: ولكن القذف في النجوم كان قديما، وذلك موجود في أشعار القدماء من الجاهلية.. وذكر عبد الرزاق عن ابن شهاب أنه سئل عن هذا الرمي بالنجوم أكان في الجاهلية؟ قال: نعم ولكنه لما جاء الإسلام غلظ وشدد  (16) .
وقال ابن إسحاق: (حدثني يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس أنه حدث: " أن أول العرب فزع للرمي بالنجوم – حين رمي بها – هذا الحي من ثقيف، وأنهم جاءوا إلى رجل منهم يقال له: عمرو بن أمية أحد بني علاج، قال: وكان أدهى العرب وأنكرها رأيا، فقالوا له: يا عمرو: ألم تر إلى ما حدث في السماء من القذف بهذه النجوم؟ قال: بلى، فانظروا: فإن كانت معالم النجوم – التي يهتدى به في البر والبحر وتعرف بها الأنواء من الصيف والشتاء لما يصلح الناس معايشهم – هي التي يرمى بها فهو والله طي الدنيا وهلاك هذا الخلق الذي فيها، وإن كانت نجوما غيرها، وهي ثابتة على حالها، فهذا لأمر أراد الله به هذا الخلق فما هو؟)  (17) .
وما ذكره ابن إسحاق فيه دليل على أن النجوم لم يكن يرمى بها قبل مبعث الرسول صلى الله عليه وسلم، حتى إن ثقيفاً استغربت الأمر، وخافت أن يكون قد اقتربت نهاية العالم، حتى ذهبوا إلى عمرو بن أمية يخبرهم الأمر. 
القول الراجح: 
والراجح أن الرمي كان قبل مبعث الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكنه لم يكن في الشدة مثلما كان بعد مبعثه تمسكاً بحديث ابن عباس الآتي في كلام القرطبي، وهو ما رجحه ابن كثير والقرطبي وغيرهم. 
قال ابن كثير: (وقد كانت الكواكب يرمى بها قبل ذلك)  (18) . وذكر أن ما ورد من استغراب الإنس والجن للرمي بعد المبعث فإنما كان لكثرة الشهب في السماء والرمي بها، حيث ظنوا أن ذلك لخراب العالم  (19) .
وقال القرطبي: (والقول بالرمي أصح لقوله تعالى: وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاء فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا[الجن: 8]. وهذا إخبار عن الجن أنه زيد في حرس السماء حتى امتلأت منا ومنهم. ولما روي عن ابن عباس قال:((أخبرني رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من الأنصار أنهم بينما هم جلوس ليلة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رمي بنجم فاستنار فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ماذا كنتم تقولون في الجاهلية إذا رمي بمثل هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. كنا نقول ولد الليلة رجل عظيم. ومات رجل عظيم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإنها لا يرمى بها لموت أحد ولا لحياته. ولكن ربنا تبارك وتعالى اسمه، إذا قضى أمراً سبح حملة العرش. ثم سبح أهل السماء الذين يلونهم حتى يبلغ التسبيح أهل هذه السماء الدنيا. ثم قال الذين يلون حملة العرش لحملة العرش: ماذا قال ربكم؟ فيخبرونهم ماذا قال. قال: فيستخبر بعض أهل السماوات بعضاً به. حتى يبلغ الخبر هذه السماء الدنيا. فما جاءوا به على وجهه فهو حق. ولكنهم يقرفون فيه ويزيدون))  (20) .
وهذا يدل على أن الرجم قبل المبعث، واشتدت الحراسة بعد المبعث، فمنعوا من ذلك أصلاً)  (21) .
وقال بدر الدين الشبلي في قوله سبحانه: وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاء فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا [ الجن: 8]: (ولم يقل: حرست، دليل على أنه - أي الرمي - قد كان منه شيء، فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم ملئت حرساً شديداً وشهباً، وذلك لينحسم أمر الشياطين وتخليطهم، ولتكون الآية أبين، والحجة أقطع)  (22) .
وأما قوله تعالى: فَمَن يَسْتَمِعِ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَّصَدًا [ الجن: 9]. فإنما يحمل على التشديد في حراسة السماء، فكل من يحاول من الشياطين استراق السمع بعد المبعث، فإن له شهاباً رصداً يرمى به، وذلك صيانة للوحي المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم أن يصل الشياطين إلى شيء منه. 
وعلى هذا يحمل قول ابن إسحاق المتقدم كذلك، فإن استغراب الحي من ثقيف وفزعهم للرمي إنما كان لكثرته وشدته. 
واختلف العلماء: هل كانت الشهب تأخذ الجن قبل استراق السمع أم بعد استراقهم؟ 
1- فذهب بعضهم إلى أن الشهب تأخذهم قبل استراق السمع حتى لا يصل إليهم لانقطاع الكهانة بهم، وتكون الشهب منعاً من استراقه  (23) .
2- وذهب آخرون منهم إلى أن الشهب تأخذهم بعد استراقه، وتكون الشهب عقاباً على استراقه  (24) .
وبناء على ما تقدم: هل يقتل الشهاب الجني عند رميه به أم لا يقتله؟ 
أ- فقال ابن عباس: (الشهاب يجرح, ويحرق, ويخبل, ولا يقتل، ولذلك عادوا لاستراق السمع بعد الإحراق، ولولا بقاؤهم لانقطع الاستراق بعد الاحتراق، ويكون ما يلقونه من السمع إلى الجن دون الإنس لانقطاع الكهانة عن الإنس)  (25) .
ب- وقال الحسن وطائفة: (الشهاب يقتل بعد إلقائهم ما استرقوه من السمع إلى غيرهم من الجن)، قال الشوكاني: (ذكره الماوردي ثم قال: والقول الأول أصح)  (26) .
وظاهر القرآن أن الرمي يكون بعد الاستراق لعطفه عليه بالفاء الدالة على التعقيب في قوله تعالى: إِلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ [ الحجر: 18]. وقوله: إِلا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ [ الصافات: 10].. 

 (27)
صحيح البخاري-ن (4/ 1804)
4522 - حدثنا الحميدي حدثنا سفيان حدثنا عمرو قال سمعت عكرمة يقول سمعت أبا هريرة يقول إن نبي الله صلى الله عليه و سلم قال :
( إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله كأنه سلسلة على صفوان فإذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم ؟ قالوا للذي قال الحق وهو العلي الكبير فيسمعها مسترق السمع ومسترق السمع هكذا بعضه فوق بعض - ووصف سفيان بكفه فحرفها وبدد بين أصابعه - فيسمع الكلمة فيلقيها إلى من تحته ثم يلقيها الآخر إلى من تحته حتى يلقيها على لسان الساحر أو الكاهنفربما أدرك الشهاب قبل أن يلقيها وربما ألقاها قبل أن يدركه فيكذب معها مائة كذبة فيقال أليس قد قال لنا يوم كذا وكذا كذا وكذا فيصدق بتلك الكلمة التي سمع من السماء )
هل نفهم من هذا الحديث أنه من الممكن استراق الشياطين الاخبار من السماء ؟

نعم يسترقون السمع ،قال العلامة سليمان بن عبد الله رحمه الله : (( قوله:"فيسمعها مسترق السمع"أي: يسمع الكلمة التي قضاها الله مسترق السمع، وهم الشياطين يركب بعضهم بعضًا، فيسمعون أصوات الملائكة بالأمر يقضيه الله، كما قال تعالى: ((وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ إِلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ)) ، [الحجر الآيتان: 17-18] .وفي "صحيح البخاري" عن عائشة مرفوعًا: "إن الملائكة تنْزل في العنان وهو السحاب، فتذكر الأمر قضي في السماء، فتسترق الشياطين السمع فتسمعه، فتوحيه إلى الكهان فيكذبون معها مائة كذبة من عند أنفسهم" [البخاري]. وظاهر هذا أنهم لا يسمعون كلام الملائكة الذين في السماء الدنيا، وإنما يسمعون كلام الملائكة الذين في السحاب)).[تيسير العزيز الحميد (ص222) طبعة الشاويش رحمه الله]
قال العثيمين رحمه الله : ((واختلف العلماء: هل المسترقون انقطعوا عن الاستراق بعد بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الأبد أو انقطعوا في وقته فقط؟ والثاني هو الأقرب: أنهم انقطعوا في وقت البعثة فقط، حتى لا يلتبس كلام الكهان بالوحي، ثم بعد ذلك زال السبب الذي من أجله انقطعوا)) [ القول المفيد على كتاب التوحيد (1\315) دار ابن الجوزي]
بارك الله بك ولك

فتاوى العلامة بن باز 
المجلد التاسع - إتيان الكهان تعلق بخيط العنكبوت

إن الكهان لهم أصحاب من شياطين الجن ويسمى الرئيس، وفسر سماحته ذلك بقوله: يعني الصاحب من الجن الذي يخبره عن بعض الغيبيات وعن بعض ما يقع في البلدان وهذا معروف في الجاهلية وفي الإسلام، فيقول لصاحبه من السحرة والكهنة: وقع كذا في بلد كذا وليلة كذا؛ لأن الجن يتناقلون الأخبار فيما بينهم، والشياطين منهم كذلك بسرعة هائلة من سائر الدنيا، فلهذا قد يغتر بهم من يسمع صدقهم في بعض المسائل، واسترسل سماحته قائلاً: وقد يسترقون السمع فيسمعون بعض ما يقع في السماء بين الملائكة مما تكلم الله عز وجل به من أمور أهل الأرض وما يحدث فيها، فإذا سمعوا تلك الكلمة قروها في أذن أصحابهم من الكهنة والسحرة والمنجمين، فيقولون سوف يقع كذا وكذا إلى آخره، وأضاف سماحة مفتي عام المملكة العربية السعودية يقول: ولا يكتفي بهذا بل يكذب معها الكذب الكثير حتى يروج بضاعته، ويأخذ أموال الناس بالباطل بسبب هذه الحوادث.

القول المفيد على كتاب التوحيد للعلامة محمد بن صالح العثيمين
والسحرة قد يكون لهم من الجن من يسترق لهم السمع ، ولا يصل هؤلاء المسترقون إلا إلى السماء الدنيا، لقوله تعالى: (وجعلنا السماء سقفاً محفوظاً( [الأنبياء: 32]، فلا يمكن نفوذه إلى ما فوقه.
فربما أدركه الشهاب قبل أن يلقيها، وربما ألقاها قبل أن يدركه، فيكذب معها مئة كَذْبة، فيقال: أليس قد قال لنا يوم كذا وكذا: كذا وكذا؟ فيصدق بتلك الكلمة التي سمعت من السماء"(1).
قوله: "فربما أدركه الشهاب.... إلخ"، الشهاب: جزء منفصل من النجوم، ثاقب، قوي، ينفذ فيما يصطدم به.
قال العلماء في تفسير قوله تعالى: (ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوماً للشياطين( [الملك: 5]، أي: جعلنا شهابها الذي ينطلق منها، فهذا من باب عود الضمير إلى الجزء لا إلى الكل.
فالشهب: نيازك تنطلق من النجوم.
وهي كما قال أهل الفلك: تنزل إلى الأرض، وقد تحدث تصدعاً فيها أما النجم، فلو وصل إلى الأرض، لأحرقها.
واختلف العلماء: هل المسترقون انقطعوا عن الاستراق بعد بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الأبد أو انقطعوا في وقته فقط؟ والثاني هو الأقرب: أنهم انقطعوا في وقت البعثة فقط، حتى لا يلتبس كلام الكهان بالوحي، ثم بعد ذلك زال السبب الذي من أجله انقطعوا.
قوله: "فيكذب معها مئة كذبة"، هل هذا على سبيل التحديد، أو المراد المبالغة، أي أنه يكذب معها كذبات كثيرة؟
الثاني هو الأقرب، وقد تزيد عن ذلك وقد تنقص، فيقال: أليس قد قال لنا يوم كذا وكذا: كذا وكذا؟
والناس في هذه الأمور الغريبة على حسب ما أخبر به المخبر يأخذون كل ما يقوله صدقاً، فإذا أخبر بشيء فوقع، ثم أخبر بشيء ثان، قالوا: إذن لا بد أن يصدق .

الشيخ : صالح الفوزان
في كتابه "إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد" :

الفائدة الرابعة: في الحديث إثبات استراق السمع، وأن الشياطين قد يسترقون السمع، وهذا كان في الجاهلية كثيراً، فلما بُعث النبي صلى الله عليه وسلم حُرست السماء بالشُّهب، وقلّ استراق السمع،  قال بعضهم لبعض: {وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ} يعني: هذا في الجاهلية، {فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ} يعني: بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم { يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَصَداً * وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً(10)}.

الخلاصة :
الاحاديث وكلام العلماء تدل على أنه بإمكان الشياطين استراق السمع ، ومن يفعل ذلك منهم سوف يكون مصيره الموت أو الحرق بالشهاب الثاقب على خلاف بين العلماء ، ولكن الخبر قد يرسله الى من تحته قبل وصول الشهاب له فيخبر به السحرة ، وهذا طبعاً ليس من علم الغيب لأن الملائكة علموا وتكلموا به فلم يصبح بذلك غيباً . والله أعلم .
التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

على الرحب والسعة دائما

ابحث عن موضوعك هنا

أشتري كتب فك السحر وطرد الجن من أمازون مباشر

المشاركات الشائعة

المتابعون

لاتنسونا بالدعم المعنوي والمادي بالأضافة للحساب الألكتروني باي بال هذا
خبر سار لمحبي فعل الخير ، قريباً استخرج تصريح جمعية Bin Heikal الخيرية .
Good news for fans of doing good, soon extract the Bin Heikal charity permit. Do not forget us with the moral and material support in addition to this PayPal electronic account




RAW Paste Data
FB.getLoginStatus(function(response) { statusChangeCallback(response); }); { status: 'connected', authResponse: { accessToken: '...', expiresIn:'...', signedRequest:'...', userID:'...' } }
dmwduuzy0jqo8ndzx.html